يحتفل العالم العربي والإسلامي في مشارق الأرض ومغاربها في هذه الأيام بعيد الفطر المبارك بعد أن قدرهم الله على صيام شهر رمضان وقيامه، مما يجعل من هذا العيد فرحة بطاعة الله سبحانه وتعالى، وحتى تتكامل هذه الفرحة يتم فيه الصلح بين الناس، لتصفي النفوس من أدران الخصومات.
يشاع في مصر أن عيد الفطر يسبقه يوم الوقفة، وهذا الخطأ جاء من يوم وقفة عرفات في يوم التاسع من شهر الحجة التي تسبق عيد الأضحى. والحقيقة أن عيد الفطر يسبقه شهر كامل من أركان العبادة بالصوم، وهو ركن من أركان الإسلام الركن الرابع. وبهذا الشهر عشرة أيام هي الأيام الأخيرة من رمضان تكثف فيها العبادة بالتهجد.
ومن ضمن هذه العشرة أيام ليلة هي ليلة القدر التي هي أفضل من ألف شهر، أما الحج الذي يسبق عيد الأضحى، فهو الركن الخامس من أركان الإسلام يجب أن يقوم به كل من استطاع إليه سبيلاً.
العوام من الناس يقولون إن عيد الفطر هو عيد الكعك، أما عيد الأضحى فهو عيد اللحمة، ويقوم جدل شديد وربما معارك طاحنة بين رب الأسرة، وأفراد أسرته إذا لم يأت بالكعك في عيد الفطر، وباللحمة في عيد الأضحى.. الاحتفالات بعيد الفطر في جدة نظراً لأسباب خاصة تفوق الاحتفال بعيد الأضحى، وتتمثل هذه الأسباب الخاصة أن معظم أهلها يطلعون إلى مكة المكرمة ومن ثم إلى عرفات لأداء فريضة الحج أو لتجنيد أنفسهم في خدمة الحجاج عن طريق البحث عن منافع لهم، أما من «يدجون» يبقون في جدة فإنهم يصومون في يوم الوقفة، أما أيام عيد الأضحى فتكون جدة خالية على عروشها لأن معظم أهلها في عرفات وهذا بطبيعة الحال يؤثر كثيراً على الاحتفالات بعيد الأضحى المبارك، وإن كان ذلك لم يمنع في الماضي نصب «المدارية» للصغار في شوارع مدينة جدة، ويصيح أصحابها وهم ..... الأطفال «يا الله بعودة».
هو عيد الفطر بعد أن قام الناس بالركن الرابع من أركان الإسلام «الصيام»، وكان في الماضي أن تقسم «الحارات» الأحياء ليكون لكل حارة يوم عيد، وذلك لتسهيل «معايدة» الناس بعضهم لبعض وكل بيت في الحارة يوم عيدها تشرع أبوابها ويدخل كل من جاء إليها ليعيد على أصحاب الدار ويأخذ حبة حلاوة ورشة عطر، أما إذا كان هناك حزن عند إحدى الأسر بفقدان عزيز عليها غيبه الموت فيرد الباب كعلامة أن هذه الأسرة حزينة، ويدخل الناس إليها ليواسوها ويرحموا على من مات عندهم بهذا النظام الدقيق في المعايدة يتم القيام بها بسهولة ويسر.
تتعذر اليوم المعايدة بهذا الأسلوب بعد أن اتسعت مدينة جدة، وغيرها من مدن المملكة مما يجعل الطواف بالبيوت المختلفة للمعارف وأفراد الأسرة أمراً مستحيلاً لأن الوقت لا يتسع بسبب بعد البيوت بعضها عن بعض وأصبحت المعايدة اليوم تتم عبر التلفون أو الجوال لأنهما الأسلوب الوحيد للاتصال بالناس في يوم العيد.. هناك بعض الأسر اختارت بيتاً من بيوت أفرادها عادة ما يكون أكبرهم في العمر ويجتمعون فيه في يوم معين من أيام العيد يستقبلون فيه كل من يريد أن يعيد عليهم فيجد كل أفراد هذه الأسرة التي يعيد عليها أصبح هذا الأسلوب في المعايدة معقولاً أما إذا كان عدد أفرادها كثيراً فإن ذلك يصعب هذا الأسلوب من المعايدة لأن الدنيا تصبح زحمة لا تُطاق من عدد أفراد الأسرة ومن عدد الوافدين للمعايدة.
العيد هو فرصة كبرى عند الأطفال يحصلون فيه على العيدية ويذهبون إلى العيد حيث تقام «الدارية» التي يلعبون بها ويتدرهون عليها، وكانت عبارة عن «شبرية» صندوق مغلق من الجهتين معظم من يستخدمه البنات والأطفال الصغار، وهي تدفع بحنية إلى الأمام والخلف برفق وحنية، وهناك أيضاً «العيقلية» وهي عبارة عن مجموعة من الأحصنة الخشبية، والصناديق على شكل سنابيك أو سيارات تدور بدفعه بالأيادي ثم تأتي الصناديق مرصوصة بعضها فوق بعض ويدفعها الذي تحت يطلع فوق والذي فوق ينزل تحت، واتخذت مثلاً للحياة حيث يقول هذا المثل: «الدنيا زي صناديق العيد تطلع فوق وتنزل تحت»، ثم يأتي اللوح وهو لاستخدام الرجال يندفع إلى الأمام والخلف بقوة حتى يخيل للناس أن راكبه طائر في الهواء من مراحه ومجيئه، وبعد اليوم الرابع يأخذ الآباء أبناءهم ليشاهدوا فكرة «مدارية العيد» حتى يقتنعوا أن العيد قد انتهى وأن الألعاب التي كانوا يمارسونها قد ألغيت من الوجود، وكنت تسمع الأطفال من وسط دموعهم يدعون الله أن تصبح هذه المدارية منصوبة طوال أيام السنة ولا تكون للعيد فقط.
..... الله سبحانه وتعالى استجاب لدعوات هؤلاء الأطفال، وأصبحت الملاهي في مدينة جدة وفي مختلف مدن المملكة على قفى من يشيل طوال أيام السنة بمدارية أكثر عدداً وأكثر خطورة الأمر الذي يدعوني هنا إلى المطالبة بالغاء الكثير منها مثل «الشواية» و«قطار الموت» وما شابههما من ألعاب خطيرة تعلن الملاهي أنها غير مسؤولة عن الحوادث التي تترتب على هذه الألعاب الخطيرة.
أسأل الله في عيد الفطر المبارك أن يلم شمل العرب والمسلمين وينصرهم على كل من يعاديهم، أسأله أيضاً أن يجعل هذه الأيام المباركة من عيد الفطر بعد صوم رمضان فيها كثير من الغبطة والفرحة والسعادة لكل العرب والمسلمين، وكل عام وأنتم جميعاً بخير وعافية.